ترك المخدرات ليس سهلا ولكنه ممكنا في نفس الوقت، فقط استطاع الكثيرون قبلك الإقلاع عن تعاطي المخدرات للابد. لذا إذا كنت تريد حقا ترك المخدرات عليك بعكس السؤال “هل إدمان المخدرات سهلا؟”، بالطبع ستقول لا لأنك تعاني من أضراره وآثاره كل دقيقة، وحتى تترك المخدرات علينا بمعالجة الإدمان وعكس الاضطراب العقلي المصاحب له إلى استواء واتزان خاصة على مستوى الدماغ الذي يحتاج إلى التخلص من السموم ثم إنشاء روابط عصبية صحية بعيدا عن تعاطي المخدرات، مما يضمن استقرار عاطفي ونفسي قادر على مقاومة رغبة التعاطي.
حسنا إذا اتفقنا أن التوقف عن التعاطي ممكننا بواسطة التدخل الطبي والابتعاد عن المخدر قرار يمكن. تنفيذه، فبالطبع يساورك القلق بخصوص ماذا يحدث للمدمن إذا لم يتعاطي، سنخبرك في ذلك المقال بما ستتعرض له عند الامتناع عن تناول الجرعة، وسيهدأ قلقك عندما تعرف أن الدعم المهني سيساعدك على تخطي كل الآثار المتوقعة في تلك المرحلة مع توفير الراحة التي تبحث عنها والاسترخاء الذي تنشده.
الكلام هنا
محتويات المقال
ماذا يحدث للمدمن إذا لم يتعاطي؟
بعد ربط المخ عصبيا بمفعول المخدر سيكون معتمد كليا على الجرعة اليومية لإطلاق النواقل العصبية المسؤولة عن النشاطات الحيوية والحالة العاطفية والنفسية، لذا إذا لم يتعاطى المدمن جرعته ستقل نسبة المخدر ويظهر الجسم ردة فعل اضطرابية متمثلة في أعراض جسدية ونفسية بسبب انتظار المثير (المخدر)، لبدء إطلاق النواقل العصبية.
وتختلف الاضطرابات المتزامنة المسماة بأعراض انسحاب المخدرات على مستوى النوع والشدة والمدة حسب كل حالة، وتنقسم إلى أعراض انسحابية حادة مغ أغلب الحالات تستغرق من 7 إلى 14 يوما، وحينها سيتخلص الجسم والدماغ من السموم تقريبا، ليشعر المدمن بالانتعاشة والتحسن بعدما يستعيد المخ جزءا من وظائفه، ورغم ذلك هناك اعراض انسحابية طويلة المدى قد تستمر لعدة أسابيع ولكنها أقل حدة من الفترة الأولى ويتم إدارتها بالأنماط الصحية والتأهيل السلوكي. وفيما يلي نضع أمام يديك جدول زمني من اليوم الأول وحتى عام لما يحدث بعد الامتناع عن تناول المخدر.
لا تترد في التحدث معنا وطلب استشارة مجانية
جدول زمني متوقع لما يحدث للمدمن عند ترك المخدرات
متلازمة انسحاب المخدرات من الجسم تتأثر بالعديد من العوامل منها نوع المخدر، تناول أكثر من مادة مخدرة، كفاءة الأعضاء الداخلية، الوزن والعمر، الوقت الذي استغرفه المدمن في التعاطي، ورغم ذلك تتبع المتخصصون الحالات المختلفة لوضع جدول زمني يشير لأكثر الأعراض التي تنتاب المدمن إذ لم يتعاطى ويتوقف فجأة عن تناول جرعته:
في غصون 24 ساعة
تبدأ معظم أعراض الامتناع عن التعاطي لأي نوع. مخدر في غصون ال 24 ساعة الأولى، لذا سيبدأ المدمن بالشعور بها خلال ذلك الوقت بعضها نفسي مثل القلق والكآبة،عدم الاستقرار المزاجي، اشتهاء المخدر، وبعضها جسدي مثل الشعور بالتعب، الخمول، اضطراب الضغط وضربات القلب، ألم في الصدر والبطن، التوتر العضلي، مشاكل في التنفس، الغثيان، الصداع وخلل التوازن.
في تلك الفترة يمنح الأطباء المتخصصون بعض الأدوية لتخفيف حدة تلك الأعراض للحد الأدنى والمحافظة على الاستقرار الجسدي والنفسي في بيئة مشجعة ومشبعة عاطفيا.
خلال 48 إلى 72 ساعة
تعتبر تلك الفترة هي الفترة الحرجة بعد ترك المخدرات، إذ تبلغ الأعراض أقصى حد لها وقد تظهر أعراض جديدة خلال ذلك الوقت منها انعدام التركيز، الأرق، العنف والهياج، التقيؤ، فقدان الشهية، لذا يعمل الأطباء في تلك المرحلة بشكل مكثف من أجل تنحية أي تهديد وبقاء المؤشرات الحيوية مستقرة وضمان راحة المدمن.
بعد 72 ساعة وحتى أسبوع
من 3 إلى 7 أيام تعتبر فترة بداية نزول حدة أعراض التوقف عن التعاطي ولو قليلا، وقد يتأخر ذلك الانخفاض لما بعد عشرة أيام لدى البعض، لكن عموما تأخذ الذروة منحنى تنازلي لكنها لا تزول دفعة واحدة، إذ يستمر الانزعاج الجسدي والنفسي ولكن بضغط أقل.
هنا يستمر الفريق الطبي في مركز علاج الإدمان برعاية المدمن مع تخفيف جرعة الأدوية الممنوحة تباعا للاستجابة والاعتماد على النظام الغذائي الصحي عندما تتحسن شهية المريض وممارسة الرياضة لرفع كفاءة الجسم مع الاستمرار في الدعم النفسي.
ما بين 7 إلى 14 يوما
إذا نجح المدمن في عدم التعاطي في المدة المحصورة ما بين 7 إلى 14 يوم ستهدأ معظم الأعراض الانسحابية وتبدأ في التلاشي خاصة الاضطرابات الحادة منها، ورغم ذلك بعض أنواع المخدرات قد تستغرق أعراض متلازمة انسحابها فترة أطول حتى 30 يوما أبرزها مخدرات القنب الهندي مثل الحشيش والبانجو وأيضا في حالة إدمان مجموعة الأدوية المهدئة، ولكن معظمها يكون نفسي مثل الانفعال والهياج ورغبة التعاطي.
من 14 إلى 28 يوما
عندما إكمال تلك الفترة بدون تعاطي، ستكون معظم السموم تقريبا خرجت من الجسم، وبدأ المخ في تنظيم النواقل العصبية من جديد، لذا ستظهر علامات الشفاء الأولى على المدمن بشكل أكثر ملاحظة إن لم يتعاطى مثل استقرار الجهاز الهضمي، وصول الالم لأدنى مستوى، استقرار الحالة الجسدية وارتفاع الانتعاشة والطاقة، الإحساس بالرفاهية النفسية والذهنية واستعادة التركيز وغيرها من المؤشرات الإيجابية.
في تلك الفترة تحديدا يركز الكادر الطبي في مراكز علاج الإدمان على الارتفاع بصحة المدمن ورفاهيته لتعزيز التعافي، والبدء في العلاج النفسي والسلوكي، ليستعيد المريض وعيه ويرتفع بقدرته على التأقلم بدون تعاطي ليكون أكثر مقاومة لمحفزات ومثيرات الانتكاسة، ويستطيع التعامل مع أعراض الإقلاع طويلة المدى.
ولهذا السبب هناك برنامجا علاجيا لمدمني المخدرات عبر الإقامة السكنية مدته 28 يوما.
من 30 إلى 90 يوما
في تلك المرحلة يصبح المخ أكثر كفاءة، ويبدأ في استعادة صحة إطلاق النواقل العصبية، ويبدأ العقل في التحسن، والعاطفة في الاستقرار، ولكن قد يتعرض المدمن للأعراض الانسحابية طويلة المدى مثل القلق، الأرق، رغبة التعاطي، الصداع، الضيق الروحي وانعدام التلذذ بعد ترك المخدرات في الفترة ما بين شهر لثلاثة أشهر لأن النظام العصبي مازال يحاول بناء نظامه الجديد مع النشاطات الخارجية ولكنها تكون أعراض أقل حدة من الفترة الانسحابية الأولى.
من خلال برنامج ال 60 يوما أو 90 يوما تحت الإشراف الطبي، سيبدأ الأطباء في ترسيخ سلوكيات التعافي، وتدريب المدمن على فهم مسببات الانتكاسة وكيفية منعها، والتعامل مع المواقف والمتغيرات، وبناء الثقة وتطوير الذات والتحكم في العاطفة والأفكار من خلال العلاجات النفسية والسلوكية وبعدها يخرخ المدمن المتعافي لفترة الرعاية الخارجية.
بعد عام تقريبا إذا لم يتعاطى خلاله المدمن أي جرعة سيكون وصل لنقطة فعالة ليتحرر بشكل كبير من رغبات وأفكار الإدمان، وسيكون لديه الفرصة الأكبر لترك المخدرات للأبد، على أن يستمر في تنفيذ أنماط السلوك الصحي والبعد عن الإجهاد ومسببات الانتكاسة، إذ يفترض أن تكون العادات الصحية أصبحت جزء لا يتجزأ من روتين المتعافي اليومي، ويجب أن يستمر ويطور من ذاته ويعتني برعاية نفسه حتى يظل بعيدا عن المخدرات، لأن المخ قد يحتاج 12: 24 شهرا ليعود لطبيعته عند اغلب الحالات.
هل يستطيع مدمن المخدرات تركها بدون علاج؟
برغم أن ذلك الخيار قد يكون ممكنا لكن احتمالات الخطورة ترتفع فيه، حيث أن قرار مدمن المخدرات تركها دون علاج قد تجعله في مواجهة المجهول فيما يتعلق بأعراض الانسحاب التي قد تصل في فترتها الأولى الحادة إلى ظهور اختلالات أكثر خطورة مما يعتقد مثل اضطراب الضغط الدموي، مشاكل القلب والتنفس، نوبات الصرع والذهان والهلاوس، وعندما يكون التعاطي لفترة طويلة قد يسبب عدم وجود علاج مهني أثناء ترك للمخدرات مؤشرات تلف في بنية بعض الأعضاء أو مضاعفات تسبب الموت.
الطريقة المضمونة لتحديد مدى استطاعة المدمن ترك المخدرات بدون علاج هي مراجعة طبيب مختص في علاج الإدمان ومناقشته في الأعراض الانسحابية المتوقعة ومدى تحمل الجسم لها وسلامة الأعضاء الداخلية خلال تلك الفترة، حينها قد يحدد لك الطبيب متطلباتك، وإذا كان لا يتوقع حدوث مضاعفات سيشرح لك الكيفية الصحيحة لترك المخدرات بطرق ذاتية ويجنبك استخدام أي وسائل ضارة.
قد يهمك أيضا: هل المدمن يرجع طبيعي بعد العلاج
من جهة أخرى يؤكد الاطباء حتى إن استطاع المدمن تخطي فترة أعراض ما بعد التوقف عن التعاطي خلال الفترة الأولى، سيؤدي عدم خضوعه للعلاج النفسي والتأهيل المهني إلى ارتفاع احتمالات الوقوع في الانتكاسة بعد فترة وجيزة، لذا الاستشارات السلوكية من اهم خطوات النجاح في ترك التعاطي.
تواصل مع متخصص حيث تقديم الاستشارة الفورية ونصحك بما يصمن سلامتك عند عقد النية بترك التعاطي عبر الواتس آب 01154333341 .
الخلاصة : إن لم يتعاطي المدمن يتوقع أن يعاني من اضطرابات جسدية ونفسية نتيجة انخفاض نسبة المخدر المعتاد عليه من قبل الجسم والمخ. تلك الاضطرابات تستمر حتى تطرد السموم من الجسم كليا ويستعيد المخ بعضا من وظائفه، وتأتي متلازمة الانسحاب على هيئة جدول زمني متوقع تبدأ في غضون 24 ساعة وتصل للذروة بعد 3 إلى 7 أيام، وتنخفض في الفترة ما بين 7 إلى 28 يوما، ويحتاج المدمن إلى رعاية طبية لتخفيف الاضطراب وحمايته من المضاعفات، لذلك قد يكون الطريق شاقا إذا تم ترك المخدرات بدون علاج، بينما التدخل المهني سيضمن الراحة والسلامة للحالة.
ا. الهام عيسي
أكتب تعليقا