تعاطي المخدرات المنتظم سيؤدي بالطبيعة إلى الإدمان، ورغم وجود مسافة توضح الفرق بين المدمن والمتعاطي، إلا أنه عادة ما يتم الخلط بينهما، وانعدام معرفة الخط الفاصل بين الحالتين قد يؤدي إلى تطوير الإدمان لمراحل شديدة من الاضطرابات العقلية، كما أنه الخلط يمتد لاختيار طرق علاجية غير مناسبة. 

هناك عدة أبعاد تتجلى فيها الفروقات بين الشخص في مرحلة التعاطي ونظيره المصاب باضطراب الإدمان منها التصرفات، والأفكار وتأثر الشخصية وسماتها والأنماط السلوكية، والقدرات المعرفية والذهنية.

 ونحن هنا سنعمل على إزالة ذلك اللغط وتوضيح حدود الفصل بين حالة التعاطي وحالة المدمن لمساعدتك في اختيار أنسب السبل للتخلص من المخدرات في الحالتين. 

ما هو تعريف المتعاطي وكيف يختلف عن مفهوم المدمن؟ 

الشخص المتعاطي يلزم تناول الجرعات المخدرة بشكل غير منتظم ومتقطع على فترات زمنية قصيرة أو متباعدة ولكنها مكررة على كل حال، وهناك متعاطون يحددون أوقات منتظمة – مرة في الأسبوع مثلا- لتناول المخدر. 

تعريف المتعاطي طبيا

 هو ذاك الشخص المتقبل والمنجذب لنشوة المخدرات حتى لو بشكل غير منتظم أو على فترات بعيدة، وقد يعاني من أعراض انسحاب نفسية خفيفة، حيث أن التعاطي هو مرحلة وسطى بين فضول التجربة وتطور التسامح والاعتماد المؤدي بالحتمية إذا لم يتوقف إلى الإدمان.

مفهوم المدمن

بالنسبة لمفهوم الأطباء عن المدمن فهو الشخص الذي دخل في حالة اللاوعي بخصوص تعاطي المخدرات وتسيطر عليه الأفكار القهرية والرغبة المتزايدة في تناول جرعة المخدرات دون التفات أو إدراك لعواقبها وتأثيرها، وهذا التعريف يجعل المدمن شخصا مصابا باضطراب عقلي وغير قادر على التمييز أو اتخاذ القرار بسبب التغيير الفعلي في عمل المخ والروابط العصبية والتنظيم العاطفي. 

كيف تعرف أن الشخص متعاطي أم مروج للمخدرات؟ 

الفرق بين متعاطي المخدرات والمروج هو ان الأول يملك المخدرات للحصول على النشوة التخديرية، بينما المروج هدفه الأساسي من حيازة المخدر هو الربح. وعندما تكتشف الاسرة امتلاك شخص ما للمخدرات قد يقفز في ذهنها على هو متعاطي أم مروج ويمكن معرفة ذلك من خلال: 

  1. الكمية: يمتلك المروج للمخدرات كميات من المخدر تفوق الاستخدام الشخصي، وربما تتعدد أنواع المخدرات التي بحوزته، بينما المتعاطي لا يهتم إلا بامتلاك جرعة أو جرعتين ومن نوع واحد من المخدرات على الأغلب.
  2. المستوى المادي: يمتلك المروج وفرة في الأموال نتيجة تجارته للممنوعات، في حين ان المتعاطي قد يواجه أزمات مالية لشراء المخدرات.
  3. الاتصال: يتلقى مروج المخدرات الكثير من الاتصالات، كما أنه دائم التحرك لتوصيل الممنوعات إلى من يعتاد التعامل معهم، بينما لا يضطر المتعاطى إلى فعل ذلك. 

يمكن أن يكون مروج المخدرات متعاطي أيضا ويمكن التأكد من ذلك من خلال العلامات الجسدية والنفسية وامتلاك أدوات للتعاطي وتميز رائحة المخدرات في أنفاسه، وملابسه.

علامات المتعاطي مقابل علامات المدمن 

هناك جملة متعارف عليها توضح الفرق بين المدمن والمتعاطي  كالآتي: ” تعاطي المخدرات بشكل متكرر يؤدي إلى الاعتماد عليها جسديا ونفسيا مما يحول الشخص إلى مدمن لا يستطيع التوقف عن تناول جرعته بقرار واع منه حتى مع معاناته من الأضرار المتلاحقة”. 

ربما تلك المقولة تجعلنا ندرك كيفية التفريق ما بين حالة التعاطي واضطراب الإدمان، وبرغم ذلك نحتاج إلى مزيد من الأدلة حتى نصل إلى التشخيص الصحيح، ومن الأدلة القوية هي العلامات التي تميز كلا من المتعاطي والمدمن: 

علامات المتعاطي مقابل علامات المدمن

أولا علامات التعاطي 

على المستوى الجسدي والنفسي قد نلاحظ العلامات التي تخبرنا أننا أمام متعاطي مخدرات تتضمن أبرزها القائمة التالية: 

  1. التغير المزاجي.
  2. مشاكل على مستوى الانضباط والتركيز والتنظيم.
  3. توتر ملحوظ في مستوى الطاقة والنشاط.
  4. ظهور علامات إجهاد على العين وملامح الوجه.
  5. تغيير طارئ في الروتين اليومي أو العلاقات الاجتماعية.
  6. اكتساب ألفاظ ومصطلحات تخص بيئة التعاطي.
  7. تخصيص أوقات أكبر لتناول الجرعات المخدرة.
  8. الابتهاج عند اقتراب موعد التعاطي.
  9. التحدث بإيجابية حول مفعول المخدرات.
  10. الحفاظ على سرية التحركات والمكالمات.
  11. نقص ملحوظ في الوفرة المالية.
  12. تغيير في الشهية وأنماط النوم.
  13. انسحاب الاستمتاع والإحساس بالرفاهية.

تعرف المزيد عن: صفات متعاطي المخدرات

ثانيا علامات بارزة للمدمن 

قد يستطيع المتعاطي إخفاء العلامات لفترة من الزمن بينما علامات مدمن المخدرات لا يمكن مواربتها وقد تشمل: 

  1. تغيير ملامح الوجه ولون الجلد.
  2. خلل واضح في ردود الفعل والعاطفة.
  3. فقدان القدرة على التواصل مع الآخرين.
  4. اللامبالاة وانعدام التعاطف مع المحيط.
  5. ضعف واضح في السيطرة على التصرفات والسلوكيات أو تعديلها.
  6. اضطراب شديد على مستوى الجهاز الهضمي والتنفسي.
  7. قدرة حركية ضعيفة ورعشات.
  8. أعصاب منفلتة وانعدام توازن.
  9. خلل ذهني معرفي.

ومن الأعراض التي لا تأويل فيها وعندها يعتبر المتعاطي مدمنا على المخدرات هي عدم قدرته على التخلي عن جرعته أو تأخيرها، بجانب ضعف تميزه للأضرار السلبية الواقعة عليه، والدخول في حالة شديدة من إنكار أمر الإدمان كليا، وذلك ناشئ من ان المخ اصبح متكيفا مع المادة المخدرة لدرجة تكوين أنماط تفكير تفيد بأن المخدر هو الشئ الوحيد الذي يبقى المدمن مستقرا وعلى قيد الحياة، وكذا تصنع رغبات قوية عصبية من مركز المكافأة في الدماغ لذا طلب المخدر يترسخ في الذهن ومعه يزيد المدمن جرعاته. 

وبما أن هناك خطوط زمنية فاصلة ومتدرجة ما بين التجربة حتى الاضطراب فليس كل متعاطي مدمن، إذ ذلك الأخير مصاب بمرض اضطراب تعاطي المخدرات العقلي.

الفرق بين المدمن والمتعاطي من حيث التصرفات والسلوكيات

تصرفات متعاطي المخدرات قد تبدو لغير المدققين أو الملاحظين لحالته طبيعية إلا أنها على مستوى تفاصيل سلوكياته تنطوي على عدة تغييرات، فمثلا نجد تصرفات المتعاطي على المستوى المزاجي تتسم بالبهجة والسعادة والنشاط المفرط والثرثرة تارة، وتارة أخرى يميل للانعزال والصمت، وقد نلاحظ أيضا تضخم الشعور بالأنا في تصرفاته وأثناء حديثه مع ملاحظة تداخل في الحديث وضعف جزئي في الانتباه والتركيز، بينما يتسم آدائه اليومي بالاستهتار وأحيانا سوء التقدير وانخفاض الاستمتاع بالأنشطة اليومية المعتادة وضعف حس المسؤولية لديه وانخفاض قدرته على رعاية أسرته.

في حين أن تصرفات المدمن تظهر على شاكلة اضطرابية واضحة، ومعظمها غير واعية وتسبب إثارة المشكلات والأزمات، وأحيانا تكون خطيرة عليه وعلى الآخرين، أذ تتسم ردة فعل للمدمن وتحركاته بالعنف والعدوانية، التهور والاندفاع،ا لهلوسة والتوهم، الشك في الآخرين، انعدام التمييز والحكم، الأنانية المفرطة، الانفعال العصبي الشديد، الانفصال عن الواقع، الغرق في الذاتية، الدفاعية، الغضب، الإهمال، التبلد الشعوري، فقدان الاهتمام بالذات، فقدان الدافع، انخفاض الأداء الذهني والجسدي، اتخاذ قرارات خطيرة، الاستسلام واليأس والكآبة، عدم القدرة على التغيير أو رفضه كليا.

والقول الفاصل هنا أن سلوكيات المدمن توضح انه شخص غير مؤهل بسبب خلل عقلي وانسحاب إرادته مما يبرز خطورة الوضع.

هل يحتاج المتعاطي إلى علاج مهني؟ 

إذا كان الشخص لا يزال في مرحلة التعاطي فنادرا ما يحتاج إلى تدخل طبي إلا في حالة تتطلب إدارة الانسحاب أو تدخل لعلاج نفسي أو تأهيل سلوكي، ويفضل بالطبع الخصوع لتشخيص مهني لمعرفة مسببات التعاطي والتي قد تكون ناشئة عن ألم عاطفي دفين أو وجود اضطراب نفسي كالقلق والاكتئاب، وقد يكون هناك صعوبات في التأقلم أو صدمات حياتية تحتاج إلى المعالجة المختصة. في حين ان كثير من المتعاطين عند اعتماد نهج الحوار والمناقشة معهم حول أضرار التعاطي ومآلاته يتمكنون من اتخاذ قرار التوقف والإقلاع. علينا إذا باللجوء للتشخيص إذا ما أردنا إقلاع فعالا للمتعاطي دون الدخول في احتمالات الانتكاسة.

ماذا عن علاج المدمن المصاب باضطراب تعاطي المخدرات؟

المرض العقلي لتعاطي المخدرات والمصنف بالإدمان يحتاج إلى برنامج شامل لعلاج المدمن وفيه يوجه الأطباء عنايتهم في المرحلة الأولى بطرد سموم المخدر من الجسم دون ألم أو اضطراب انسحابي مضاعف، والمضي في علاج المدمن نفسيا وتعديل سلوكه ورعايته في فترة التعافي حتى يصل لنقطة فهم مسببات الإدمان وتعزيز قواه العقلية لإدارة اضطرابه بسلوكيات صحية وتأقلم طبيعي مع أنماط الحياة والوقاية من الانتكاسة. 

وبالطبع كل برنامج علاجي للإدمان هو برنامج فردي مستقل بذاته يراعي الشدة الإدمانية والحالة الجسدية للمدمن وخبراته السابقة وأبعاده الشخصية، لذلك توفر مستشفى الهضبة أقوى برامج لمعالجة المدمنين لتحقيق التعافي على أيدي الخبراء والمتخصصين.

الخلاصة : عند بعض الأشخاص قد يتطور التعاطي سريعا ويصبح اضطراب إدماني، والاضطراب ها هنا يعني اعتماد المخ كليا على المخدر لتحقيق اتزانا مؤقتا، وتعرض المدمن لأعراض انسحاب بمجرد تقليل الجرعة، واقتصار حياته على طلب نشوة المخدرات، لذا الفرق الأساسي بين المدمن والمتعاطي هو استخدام المدمن للمخدرات بشكل قهري وغياب وعيه لدرجة اعتبارها اساس حياتي لا يمكن الاستغناء عنه لذلك لا يلتفت المدمن لأي سلبيات أو أضرار فتكوينه العصبي وما يشمل ذلك من عاطفة وسلوكيات وأنماط تفكير مرتبطا كليا بمفعول المخدر.

ا. حياة