كانت تجربتي مع ادمان الكوكايين تجربة حياتية مُضنية، إذ كنت وقتها شاب في سن التهور والطيش، كنت لازلت في عامي السابع عشر، لكن انسقت لعالم المخدرات دون حسبان، فقد وقع صديقي المقرب في فخ الإدمان، وكذلك وقعت أنا، لكن ما حدث مع صديقي وما تعرضت له من صدمة قاسية جعلني أخاف بشدة، وأتراجع عن هذا الطريق.

اسمحو لي أن أحكي لكم تجربتي مع ادمان الكوكايين وما مررت به وأسرتي من خيبات وصدمات، وكيف عدت من هذا الطريق، وأيضًا رحلة شفائي في مركز الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان بالتفصيل.. لكل ما سأذكره يكون بقعة ضوء تُرشد مدمن الكوكايين إلى الطريق الصحيح، ليختصر على نفسه مسافة الدخول في محاولات يائسة للإقلاع عن تعاطي الكوكايين، ويعرّف كيفية الامتناع عن تعاطي المخدرات بالطُرق الأكثر فعالية وأمان.

كيف بدأت تجربتي مع ادمان الكوكايين

بداية تعاطي الكوكايين… الأصدقاء والفضول

كانت تجربتي مع ادمان الكوكايين مع صديقي المقرب، إذ كنا شابين في السابعة عشر من عمرنا، متفوقين دراسيًا وبدنيًا، كنا نواظب على أداء التمارين الرياضية بالنادي؛ نظرًا لأننا من أسرتين ميسورتي الحال، لكن في فترة ما بدأت أشعر بتغير صديقي، إذ بدأ يتخلف عن الدروس والنادي أيضًا، ذلك بعدما تعرف على أصدقاء آخرين، فوددت أن أتقرب لهم وأخرج معهم، لكن للأسف الشديد اكتشفت أنهم أصدقاء سوء، إذ أوقعوا بصديقي في فخ إدمان المخدرات، وانغمست قدمي أيضًا في إدمان الكوكايين.

المعاناة من تأثير تعاطي الكوكايين والتغيُّرات السلوكية

وهنا بدأت المعاناة الحقيقية وتجربتي مع ادمان الكوكايين، إذ ظهرت علىَّ تحوّلات جسدية ونفسية، وما أشقى أسرتي هي التغيُّر الواضح على وعلى شخصيتي و سلوكي، إذ بدأت أتشاجر معهم وأريد أموال أكثر، وبالطبع لم أحضر دروس أو تمارين بل انعزلت عن أسرتي تمامًا، وفقدت الشغف في كل شيء كنت أحب فعله، وفقدت الكثير من الوزن، والأدهى من ذلك كنت أسرق أموال الدروس كي أصرفها على تعاطي الكوكايين لأنه مخدر غالِ، لكن ما أشعرني بالسوء والخزي هو اكتشاف أسرتي ما كنت أسرقه من مدخراتهم.

لذلك تركت المنزل وذهبت لصديقي، إذ كان يعيش وحده منذ سفر أبواه للخارج.

نقطة التحوّل في تجربتي مع ادمان الكوكايين

ما حدث بعد ذلك بمثابة صدمة عمري، وأيضًا نقطة التحول في حياتي، إذ في يوم عندما كنت أتعاطى الكوكايين مع صديقي، استنشق صديقي جرعة زائدة من الكوكايين، وتُوفي بعد فترة وجيزة شاهدته يصارع الموت حتى النفس الأخير أمام عيناي، ليظل هذا المشهد محفورًا في ذهني ما حييت.

من هنا بدأت رحلة علاجي في مركز الهضبة للطب النفسي والإدمان، حيث تخلصت تمامًا من إدماني.

وقبل أن أصف لكم رحلة علاجي، أود أن أسرد لكم أعراض ادمان الكوكايين التي عانيت منها كثيراً، كيف تبدأ وكيف تتطوّر، كيف تصبح تحت تأثير الكوكايين، كأنك لست أنت.. كيف ترضى أن تُسيطر مادة مخدرة على شخصيتك؟، كيف تُفرط في أحلامك ومكانتك؟.. إليك تفاصيل تجربتي مع ادمان الكوكايين وأعراضه بشىء من التفصيل.

أهم الأعراض التي واجهتها خلال تجربتي

تعد أعراض ادمان الكوكايين، بمثابة علامات التعرف على مدمن الكوكايين، وعليك أن تعلم أن المدمن يُمّزق من دواخله، يريد التخلص من آثار الكوكايين بأي وسيلة، لكن الأفكار القهرية، تعميه عن الطريق الصحيح.. طريق معالجة الإدمان، إنه يعاني من مرض عقلي شديد وألم نفسي لا يشعر به غير مدمن مُتعافي.. إنه معمي من حجم الألم والاضطراب، مشوش الفكر، مسلوب الإرادة نتيجة تأثير الكوكايين على مراكز التفكير واتخاذ القرار في المخ، لذا يلجأ إلى مُسبب مرضه ليشعر براحة مزيفة مؤقتة لعدة دقائق، هروباً من جحيم ما يعانيه داخلياً،   لذلك إذا وجدت أي من هذه الأعراض لدى عزيز لديك فلا تتأخر في دعمه بُطرق إيجابية وتعزيز ثقته بأنه قادر على التخلّص من إدمان الكوكايين، عليك تقديم المساعدة له والأخذ بيده حتى يخرج من سيطرة الإدمان ويتجه للعلاج، ومن هذه الأعراض ما يلي:

  1. اتساع حدقة العين.
  2. سيلان الأنف.
  3. فقدان الوزن.
  4. تقلب المزاج.
  5. العزلة الاجتماعية.
  6. نزيف في الأنف.
  7. تغييرات في أنماط النوم والأكل.
  8. بقايا مسحوق أبيض حول الأنف والفم.
  9. علامات حروق على اليدين والشفتين.
  10. تدهور عادات النظافة.
  11. الصعوبات المالية.
  12. فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت تجلب الفرح في يوم من الأيام.
  13. الحاجة المتزايدة للخصوصية.
  14. وجود ملاعق وشفرات حلاقة وأكياس بلاستيكية وأدوات مخدرات أخرى في غرفة الشخص أو جيوب الملابس.

المزيد حول : اضرار الكوكايين

الجدير بالذكر، أن رحلة شفائي في تجربتي مع ادمان الكوكايين، لم تكن بالسهلة أو البسيطة، بل كانت مليئة بالتغيرات النفسية والجسدية والسلوكية، إذ كنت أرى الكثير من الهلاوس، وأفكر كثيرًا بالانتحار، لكن وجودي مع فريق طبي مثل فريق مركز الهضبة للطب النفسي وعلاج الادمان، على قدر كبير من المهنية والإنسانية، جعل رحلة علاجي، رحلة ناجحة، ومرحلة فارقة في حياتي… ولا أنسى دور أسرتي في الدعم، بعدما استوعبت كل ما يخص الإدمان، وكيفية التعامل مع مدمن الكوكايين من خلال متخصصين مركز الهضبة.

أعراض انسحاب الكوكايين من جسمي

خلال تجربتي مع ادمان الكوكايين، عانيت من أعراض انسحاب الكوكايين من جسمي، ولقد كان تأثيرها النفسي عليَّ أشد وقعًا من التأثير الجسدي، لأنني حاولت الإقلاع عن تعاطي الكوكايين بشكل فردي، دون الرجوع إلى طبيب متخصص، كما حاولت العلاج من خلال طُرق تقليدية شائعة ليس لها أساس طبي، وكادت تودي بحياتي.. ولكن بمجرد دخول مركز الهضبة والخضوع لمرحلة أعراض انسحاب الكوكايين، تمت إدارة تلك الأعراض بشكل احترافي، ومنحي درجات من الراحة والاسترخاء، التي مكنتني من تخطيها دون مضاعفات أو خطورة.

يتسبب النقص الشديد في هرمون الدوبامين، عند انسحاب الكوكايين، في العديد من الأعراض النفسية التي قد تتسبب في الكآبة والانتحار، والتي تم السيطرة عليها بشكل دقيق للغاية أطباء مركز الهضبة، إلى أن أتممت رحلة شفائي من الإدمان، ومن هذه الأعراض النفسية ما يلي:

  1. قلة المتعة.
  2. القلق.
  3. التهيج.
  4. الشك الشديد، أو جنون العظمة.
  5. مكتئب المزاج.
  6. الشعور العام بعدم الراحة.
  7. زيادة الشهية.
  8. أحلام حية وغير سارة.
  9. يمكن أن تستمر الرغبة الشديدة والاكتئاب لأشهر بعد التوقف عن الاستخدام الكثيف على المدى الطويل.
  10. قد تراود المريض أفكار انتحارية.
  11. تعرضت لآلام مبرحة بجسدي، عندما تخلصت من الكوكايين، إلى جانب الصداع والإرهاق.

يعد الهياج الشديد، والشك المستمر، والأفكار الانتحارية، والعنف في أحيان كثيرة، أسوأ الأعراض السلوكية التي مررت بها في تجربتي مع ادمان الكوكايين، لذلك تعامل معي الفريق الطبي بمركز الهضبة بحرص شديد، وساعدوني على تخطي هذه المرحلة الصعبة، كما أن مشهد صديقي المتوفي لم يخرج من ذاكرتي.. لقد وجدت الدعم النفسي، واستخدام بروتوكول علاجي على أعلى مستوى منحني هدوءاً وثقة، وخفف تلك الأعراض، وخفض حدة رغبة التعاطي.

لكي تتخلص من إدمانك يجب أن تكون على دراية كاملة برحلة الشفاء وما ستتعرض له في أثناء انسحاب الكوكايين، والمدة التي تستغرقها مرحلة التعافي التام من الإدمان.

اقرأ المزيد عن : اعراض انسحاب الكوكايين

مدة التعافي من الكوكايين

قد تختلف مدة أعراض انسحاب الكوكايين من مدمن لآخر، ولكنها تتراوح بين 4 أيام حتى ثلاثة أسابيع، إذ تعرضت خلالها إلى ثلاثة مراحل، وهم الانهيار، والانسحاب، والانقراض.

بدأت مرحلة الانهيار، مع بداية خروج مخدر الكوكايين من جسمي، إذ كنت لا أقدر على الكلام، ولدي رغبة شديدة في النوم، والأكل.

مرحلة الانسحاب، وهي المرحلة التي تلي خروج الكوكايين من الجسم، وشعرت خلالها بضعف في التركيز، ورغبة شديدة للرجوع للإدمان مرة أخرى، بجانب مشاكل في النوم.

مرحلة الانقراض، وهي مرحلة التخلص من سموم الادمان نهائياً على المستوى الجسدي بما يعرف بالـ  (Detox)، وأثنائها يتخلص الجسم تمامًا من الادمان، وانتهت بانتهاء أعراض الانسحاب.

بالطبع لم أكن أعرف عن تلك المراحل شيئاً ولكن أطباء مركز الهضبة قد أمدوني بالمعلومات حتى أكون مهيأ لكل مرحلة، كما أنني اهتممت بمعرفة كل شيء بعدما انتهت تجربتي مع ادمان الكوكايين بالعلاج الناجح.. وعرفت حقاً أن كُل شيء متوقف على احتراف الأطباء، وإرادة المدمن في التعافي من الإدمان.

تجربتي مع علاج ادمان الكوكايين

لقد كانت وفاة صديقي أمام عيني، وحياتي التي تحوَّلت إلى جحيم مع أسرتي، ومستقبلي الذي ظننته ضاع قبل أن أعيشه، السبب في تصميمي على استكمال برنامج علاج الإدمان، والذي يرجع الفضل في ذلك إلى مركز الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان، ذلك الصرح الكبير الذي ساعدني في علاج ادمان الكوكايين، وزاد ثقتي بنفسي، ودفعني إلى مواجهة الحياة بكافة تحدياتها.

لقد اعتمد المركز بروتوكول علاجي خلال جدول زمني محدد للتخلص من أعراض انسحاب الكوكايين، ويتضمن هذا البروتوكول ما يلي:

البروتوكول الدوائي

يساعد البروتوكول الدوائي للحد من أعراض انسحاب الكوكايين، ومقاومة الاكتئاب، وخفض رغبة تعاطي الكوكايين.

البروتوكول الغذائي

يعمل البروتوكول الغذائي على تغذية الجسم بالعناصر الغذائية المهمة لاستعادة نشاط المخ، والأعضاء الداخلية، لكي تتمكن من عملية طرد السموم.

البروتوكول النفسي

يتضمن البروتوكول النفسي العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج التحفيزي، والعلاج الأسري متعدد الأبعاد.

احذر ولا تقع في خطأ عدم استكمال مراحل علاج إدمان المخدرات

تعد مراحل علاج إدمان المخدرات في المركز، مراحل ممنهجة وموضوعة على أسس علمية سليمة؛ تناسب كل حالة على حدة، لكن أكبر الأخطاء التي قد تقع فيها وقد شاهدتها بنفسي، هو عدم استكمال مراحل العلاج كاملة، فأنت لا تحتاج فقط إلى سحب السموم من جسمك، بل تحتاج بعدها إلى التأهيل النفسي والسلوكي، حتى تتغير نظرتك للحياة، فبعد خروجي من المركز، استعدت نفسي، أصبحت شخصًا مختلفًا، قادر على التعايش في المجتمع، دون اضطرابات نفسية، أو أفكار شيطانية إدمانية، لم تعد المخدرات تتحكم بحياتي أو تسيطر على أحلامي وطموحاتي.

يعد عدم استكمال مراحل العلاج، من وجهة نظري أخطر من الإدمان نفسه، وما جعلني أدرك ذلك؛ ما رأيته من حالات في أثناء رحلة علاجي من الإدمان في المركز لم تستكمل العلاج النفسي والتأهيلي تعرضت لما يلي:

  1. العودة للمركز مرة أخرى بسبب عدم استكمال العلاج النفسي والسلوكي.
  2. الانتكاسة السريعة، والرجوع للإدمان مرة أخرى.
  3. تعاطي جرعات زائدة من المخدرات، نتيجة أعراض الانسحاب طويلة المدى، والتي تحتاج استكمال مراحل العلاج كاملة.

واحزنني حقاً إن فقدت بعض الأفراد الذين تعرفت عليهم في المركز بسبب تعاطي جرعة زائدة من الكوكايين، نتيجة عدم الالتزام بخطة الرعاية اللاحقة والعمل باستمرار للشفاء من الإدمان.. لهذا عرفت قيمة فريق الدعم، والبرامج المختلفة المُساعدة في التعافي من إدمان الكوكايين بشكل ناجح وفعال على المدى الطويل.

يمكنك الاطلاع بالتفصيل علي : علاج ادمان الكوكايين

الخلاصة:- تجربتي مع ادمان الكوكايين لم تكن سهلة، بل كانت تحتاج للدعم النفسي الكبير ولفريق متخصص يولي كافة اهتمامه لمرضاه، وهذا ما وجدته في مركز مركز الهضبة لعلاج الادمان، وما مررت به جعلني أدرك أني لا أحتاج أن اكون عظة لمن حولي بل أكون أنا بطل حكايتي. ريم ناصف